كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: الحاوي في تفسير القرآن الكريم



ولما أمر بالإسراء أمر بما يفعل فيه فقال تعالى: {واترك البحر} أي: إذا سريت بهم وتبعك العدو ووصلت بعد إليه وأمرناك بضربه لينفتح لتدخلوا فيه فدخلتم ونجيتم {رهوا} بعد خروجكم منه بأجمعكم وفي الرهو وجهان أحدهما: أنه الساكن أي: اتركه ساكنًا قال الأعشى:
يمشين رهوا فلا الأعجاز خاذلة ** ولا الصدور على الأعجاز تتكل

أي: مشيئا ساكنًا على هينه قارًا على حاله بحيث يبقى المرتفع من مائه مرتفعًا، والمنخفض منخفضًا كالجدار، وطريقه الذي سرتم به يابسًا ذا سير سهل على الحالة التي دخلتم فيها لأن موسى لما جاوز البحر أراد أن يضربه بعصاه فينطبق كما ضربه فانفلق، فأمر أن يتركه ساكنًا على هيئته قارًا على حاله ليدخله القبط فإذا حصلوا فيه أطبقه الله تعالى عليهم، والثاني: أن الرهو الفجوة الواسعة وعن بعض العرب أنه رأى جملًا فالجًا فقال: سبحان الله رهو بين سنامين أي: اتركه مفتوحًا على حاله منفرجًا {إنهم جند مغرقون} أي: متمكنون في هذا الوصف وإن كان لهم وصف القوة والتجمع الذي محطه النجدة الموجبة للعلو في الأمور.
ولما أخبر تعالى عن غرقهم أخبر عن متخلفهم بقوله تعالى: {كم تركوا} أي: كثيرًا ترك الذين سبق الحكم بإغراقهم فغرقوا {من جنات} أي: بساتين هي في غاية ما يكون من طيب الأرض وكثرة الأشجار وزكاء الثمار والنبات وحسنها الذي يستر الهموم ودل على كرم الأرض بقوله تعالى: {وعيون} {وزروع} أي: ما هو دون الأشجار، وقرأ ابن كثير وابن ذكوان وشعبة وحمزة والكسائي بكسر العين والباقون بضمها ثم أخبر عن منازلهم بقوله تعالى: {ومقام كريم} أي: مجلس شريف هو أهل لأن يقوم الإنسان فيه لأنه في النهاية فيما يرضيه.
{ونعمة} وهي اسم للتنعم بمعنى الترفيه والعيش اللين الرغد {كانوا فيها} أي: دائمًا {فاكهين} أي: فعلهم في عيشهم فعل المتفكه المترفه لا فعل من يضطر إلى إقامة نفسه وقوله تعالى: {كذلك} خبر لمبتدأ مضمر أي: الأمر كما أخبرنا به من تنعيمهم وإخراجهم وإغراقهم وأنهم تركوا جميع ما كانوا فيه لم يغن عنهم شيء منه فلا يغتر أحد بما ابتليناه من النعم لئلا نصنع به من الأهلاك ما صنعنا بهم وقوله تعالى: {وأورثناها} أي: تلك الأمور العظيمة عطف على تركوا {قومًا} أي: ناسًا ذوي قوة في القيام على ما يحاولونه وحقق أنهم غيرهم تحقيقًا لإغراقهم بقوله تعالى: {آخرين} ليسوا منهم في شيء وهم بنو إسرائيل وقيل: غيرهم لأنهم لم يعودوا إلى مصر بل سكنوا الأرض المقدسة.
ولما سكن القوم الآخرون بمصر ورثوا كنوزها وأموالها ونعمها ومقامها الكريم وقوله تعالى: {فما بكت عليهم السماء والأرض} مجاز عن عدم الاكتراث بهلاكهم لهوانهم، وإذا لم تبك المساكن فما ظنك بالساكن الذي هو فيها تقول العرب: إذا مات رجل خطير في تعظيم مهلكه: بكت عليه السماء والأرض وبكته الريح وأظلمت له الشمس قال الفرزدق:
فالشمس طالعة ليست بكاسفة ** تبكي عليك نجوم الليل والقمر

وقالت الخارجية:
أيا شجر الخابور مالك مورقًا ** كأنك لم تجزع على ابن طريف

وقال جرير:
لما أتى خبر الزبير تواضعت ** سور المدينة والجبال الخشع

وذلك على سبيل التخييل والتمثيل مبالغة في وجوب الجزع والبكاء، عليه قال الزمخشري: وكذلك ما يروى عن ابن عباس من بكاء مصلى المؤمن واثاره في الأرض ومصاعد عمله ومهابط رزقه في السماء تمثيل، ونفى ذلك عنهم في قوله تعالى: {فما بكت عليهم السماء والأرض} تهكمًا بهم وبحالهم المنافية لحال من يعظم فقده فيقال فيه: بكت عليه السماء والأرض.
وروى أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «ما من مسلم إلا وله في السماء بابان باب يخرج منه رزقه وباب يدخل منه عمله فإذا مات وفقداه بكيا عليه وتلا هذه الآية». وقال علي رضي الله عنه: إن المؤمن إذا مات بكى عليه مصلاه من الأرض ومصعد عمله من السماء. وعن الحسن: فما بكى عليهم الملائكة والمؤمنون بل كانوا بهلاكهم مسرورين يعني فما بكى عليهم أهل السماء وأهل الأرض. وقال عطاء: بكاء السماء حمرة أطرافها، وقال السدي: لما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما: بكت عليه السماء وبكاؤها حمرتها، وقرأ أبو عمرو {عليهم} في الوصل بكسر الهاء والميم، وحمزة والكسائي بضمهما، والباقون: بكسر الهاء وضم الميم وأما الوقف فحمزة بضم الهاء والباقون بالكسر {وما كانوا منظرين} أي: لما جاء وقت هلاكهم لم يمهلوا إلى وقت آخر لتوبة وتدارك تقصير.
ولما كان إنقاذ بني إسرائيل من القبط أمرًا باهرًا لا يكاد يصدق فضلًا عن أن يكون بإهلاك أعدائهم، أكد سبحانه الأخبار بذلك إشارة إلى ما يحق له من العظمة تنبيها على أنه قادر أن يفعل بهذا النبي صلى الله عليه وسلم وأتباعه كذلك وإن كانت قريش يرون ذلك محالًا وأنهم في قبضتهم فقال تعالى: {ولقد نجينا} أي: بما لنا من العظمة تنجية عظيمة {بني إسرائيل} بعبدنا المخلص لنا {من العذاب المهين} أي: من استعباد فرعون وقتله أبناءهم وقوله تعالى: {من فرعون} بدل من العذاب على حذف المضاف، أوجعله عذابًا لإفراطه في التعذيب، أو حال من المهين أي: واقعًا من جهته {إنه كان عاليًا} أي: في جبلته العراقة في العلو {من المسرفين} أي: العريقين في مجاوزة الحدود.
{ولقد اخترناهم} أي: بني إسرائيل بما لنا من العظمة {على علم} أي: عالمين بأنهم أحقاء بأن يختاروا ويجوز أن يكون المعنى مع علم منا بأنهم يزيغون ويفرط منهم الفرطات في بعض الأحوال. ثم بين المفضل عليه بعد أن بين المفضل بقوله تعالى: {على العالمين} أي: الموجودين في زمانهم بما أنزلنا عليهم من الكتب وأرسلنا إليهم من الرسل، وقيل: على الناس جميعًا لكثرة الأنبياء منهم، وقيل: عام دخله التخصص ثم بين اثار الاختيار بقوله تعالى: {وآتيناهم} أي: على ما لنا من العظمة {من الآيات} أي: العلامات الدالة على عظمتنا واختيارنا لهم من حين أتى موسى عبدنا عليه السلام فرعون إلى أن فارقهم بالوفاة وبعد وفاته على أيدي الأنبياء المقررين للشريعة عليهم السلام {ما فيه بلاء} أي: اختبار مثله يميل من ينظره أو يسمعه إلى غير ما كان عليه، وذلك بفرق البحر وتظليل الغمام وإنزال المن والسلوى وغير ذلك مما رأوه من الآيات التسع {مبين} أي: بين في نفسه موضح لغيره.
{إن هؤلاء} إشارة إلى كفار قريش لأن الكلام فيهم وقصة فرعون وقومه مسوقة للدلالة على أنهم مثلهم في الإصرار على الضلالة والأنذار على مثل ما حل بهم {ليقولون} أي: بعد قيام الحجة البالغة عليهم مبالغين في الأنكار.
{أن} أي: ما {هي} وقولهم {إلا موتتنا} على حذف مضاف أي: ما الحياة إلا حياة موتتنا {الأولى} التي كانت قبل نفخ الروح كما سيأتي إن شاء الله تعالى في الجاثية {إن هي إلا حياتنا الدنيا} (الأنعام).
وقال الجلال المحلي: إن هي ما الموتة التي بعدها الحياة إلا موتتنا الأولى أي: وهم نطف، وقرأ حمزة والكسائي بالإمالة محضة وأبو عمرو بين بين، وورش بالفتح وبين اللفظين والباقون بالفتح {وما نحن بمنشرين} أي: بمبعوثين بحيث نصير ذوي حركة اختيارية ننتشر بها بعد الموت، يقال: نشره وأنشره أحياه ثم احتجوا على نفي الحشر والنشر بقولهم:
{فأتوا} أي: أيها الزاعمون أنا نبعث بعد الموت {بآبائنا} أي: لكوننا نعرفهم ونعرف وفور عقولهم {إن كنتم صادقين} أي: ثابتًا صدقكم في أنا نبعث يوم القيامة أحياء بعد الموت ثم خوفهم الله تعالى بمثل عذاب الأمم الخالية فقال تعالى: {أهم خير} أي: في الدين والدنيا {أم قوم تُبّع} أي: ليسوا خيرًا منهم فهو استفهام على سبيل الأنكار، قال أبو عبيدة: ملوك اليمن كل واحد منهم يسمى تبعًا لأن أهل الدنيا كانوا يتبعونه، وموضع تبع في الجاهلية موضع الخليفة في الإسلام وهم الأعاظم في ملوك الحرب، وقال قتادة: هو تبع الحميري وكان من ملوك اليمن سمي بذلك: لكثرة أتباعه وكان هذا يعبد النار فأسلم ودعا قومه وهم حمير إلى الإسلام فكذبوه، ولذلك ذم الله تعالى قومه ولم يذمه، وعن النبي صلى الله عليه وسلم «لا تسبوا تبعًا فإنه قد أسلم». وعنه صلى الله عليه وسلم «ما أدري أكان تبع نبيًا أو غير نبي». وعن عائشة رضي الله عنها قالت: «لا تسبوا تبعًا فإنه كان رجلًا صالحًا». وذكر عكرمة عن ابن عباس: أنه كان تبع الآخر وهو أبوكرب أسعد بن مليك وكان سار بالجيوش نحوالمشرق وحبر الحبر وبنى قصر سمرقند، وملك بقومه الأرض طو لها والعرض وكان أقرب المملكين إلى قريش زمانًا ومكانًا، وكان له بمكة المشرفة ما ليس لغيره من الآثار، قال الرازي في اللوامع: هو أول من كسا البيت ونحر بالشعب ستة الاف بدنة وأقام به ستة أيام وطاف به وحلق.
قال البغوي بعد أن ذكر قصته مع الأنصار: لما قتل ابنه غيلة في المدينة الشريفة وما وعظ به اليهود في الكف عن خراب المدينة لأنها مهاجر نبي من قريش إنه صدقهم واتبع دينهم وذلك قبل نسخه. وعن الرياشي امن تبع بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث بسبعمائة عام، فإن قيل: ما معنى قوله تعالى: {أهم خير أم قوم تبع} مع أنه لا خير في الفريقين؟
أجيب: بأن معناه أهم خير في القوة والشوكة كقوله تعالى: {أكفاركم خير من أولئكم} (القمر).
بعد ذكر ال فرعون ويجوز في قوله تعالى: {والذين من قبلهم} أي: مشاهير الأمم كمدين وأصحاب الأيكة والرس وثمود وعاد، ثلاثةُ أوجه؛ أحدها: أن يكون معطوفًا على قوم تبع، ثانيها: أن يكون مبتدأ وخبره {أهلكناهم} أي: بعظمتنا وإن كانوا أصحاب مكنة وقوة، وأما على الأول {فأهلكناهم} إما مستأنف، وإما حال من الضمير المستكن في الصلة، ثالثها: أن يكون منصوبًا بفعل مقدر يفسره أهلكناهم ولا محل لأهلكناهم حينئذ {إنهم كانوا} أي: جبلة وطبعًا {مجرمين} أي: عريقين في الإجرام فليحذر هؤلاء إن ارتكبوا مثل أفعالهم من مثل حالهم.
ولما أنكر تعالى على كفار مكة قولهم، ووصفهم بأنهم أضعف ممن كان قبلهم، ذكر الدليل القاطع على صحة القول بالبعث والقيامة فقال تعالى: {وما خلقنا السموات} أي: على عظمها واتساع كل واحدة منها واحتوائها لما تحتها وجمعها لأن العمل كلما زاد كان أبعد عن العبث.
ولما كان الدليل على تطابق الأرض دليلًا دقيقًا وحدها بقوله تعالى: {والأرض} أي: على ما فيها من المنافع {وما بينهما} أي: النوعين وبين كل واحدة منهما وما يليها {لاعبين} أي: على ما لنا من العظمة التي يدرك من له أدنى عقل تعاليها عن اللعب لأنه لا يفعله إلا ناقص، ولو تركنا الناس يبغي بعضهم على بعض كما تشاهدون ثم لا نأخذ لضعيفهم بحقه من قويهم لكان خلقنا لهم لعبًا بل اللعب أخف منه، ولم نكن على ذلك التقدير مستحقين للصفة القدسية وقد تقدم تقرير هذا الدليل في أول سورة يونس وفي آخر سورة المؤمنين عند قوله تعالى: {أفحسبتم أنما خلقناكم عبثًا} (المؤمنون).
وفي ص عند قوله تعالى: {وما خلقنا السماء والأرض وما بينهما باطلًا}.
{ما خلقناهما} أي: السموات والأرض مع ما بينهما وقوله تعالى: {إلا بالحق} حال إما من الفاعل وهو الظاهر، وإما من المفعول أي: إلا محقين في ذلك يستدل به على وحدانيتنا وقدرتنا وغير ذلك، أو متلبسين بالحق {و لكن أكثرهم} أي: هؤلاء الذين أنت بين أظهرهم وهم يقولون: {إن هي إلا موتتنا الأولى} وكذا من نحا نحوهم {لا يعلمون} أي: إنا خلقنا الخلق بسبب إقامته الحق عليهم فهم لأجل ذلك يجترؤون على المعاصي ويفسدون في الأرض لا يرجون ثوابًا ولا يخافون عقابًا، ولوتذكروا ما ذكرناه في جبلاتهم لعلموا علمًا ظاهرًا أنه الحق الذي لا معدل عنه، كما يتو لى حكامهم المناصب لأجل إظهار الحكم بين رعاياهم ويشترطون الحكم بالحق ويؤكدون على أنفسهم أنهم لا يتجاوزونه.
ولما ذكر الدليل على إثبات البعث والقيامة ذكر عقبه يوم الفصل فقال تعالى: {إن يوم الفصل} أي: يوم القيامة يفصل الله تعالى فيه بين العباد، قال الحسن: سمي بذلك؛ لأن الله تعالى يفصل فيه بين أهل الجنة والنار، وقيل: يفصل فيه بين المؤمن وما يكرهه وبين الكافر وما يريده {ميقاتهم} أي: وقت موعدهم الذي ضرب لهم في الأزل وأنزلت فيه الكتب على ألسنة الرسل {أجمعين} لا يتخلف عنه أحد ممن مات من الجن والأنس والملائكة وجميع الحيوانات وقوله تعالى: {يوم لا يغني} أي: بوجه من الوجوه بدل من يوم الفصل، أو منصوب بإضمار أعني، أو صفة لميقاتهم، ولا يجوز أن ينتصب بالفصل نفسه لما يلزم من الفصل بينهما بأجنبي وهو ميقاتهم {مولى} أي: من قرابة أو غيرها {عن مولى} بقرابة أو غيرها أي: لا يدفع عنه {شيئًا} من الأشيئاء كثر أوقل {و لا هم} أي: القسمان {ينصرون} أي: ليس لهم ناصر يمنعهم من عذاب الله تعالى.
تنبيه:
المولى إما في الدين، أو في النسب، أو العتق، وكل هؤلاء لا يسمون بالمولى فلما لم تحصل النصرة منهم فأن لا تحصل ممن سواهم أولى، ونظير هذه الآية قوله تعالى: {واتقوا يومًا لا تجزي نفس عن نفس شيئًا} إلى قوله تعالى: {و لا هم ينصرون} (البقرة).
وقال الواحدي: المراد بقوله تعالى: {مولى عن مولى} الكفار لأنه ذكر بعده المؤمن فقال تعالى: {إلا من رحم الله} أي: أراد إكرامه الملك الأعظم وهم المؤمنون يشفع بعضهم لبعض بإذن الله تعالى في الشفاعة لأحدهم فيكرم الشافع فيه وقال ابن عباس: يريد المؤمن فإنه يشفع له الأنبياء والملائكة.
تنبيه:
يجوز في {إلا من رحم الله} أوجه؛ أحدها: وهو قول الكسائي أنه منقطع، ثانيها: أنه متصل تقديره لا يغني قريب عن قريب إلا المؤمنين فإنهم يؤذن لهم في الشفاعة فيشفعون في بعضهم كما مر، ثالثها: أن يكون مرفوعًا على البدلية من مولى الأول ويكون يغني بمعنى ينفع قاله الحوفي، رابعها: أنه مرفوع المحل أيضًا على البدل من وأو ينصرون أي: لا يمنع من العذاب إلا من رحم الله {إنه} أي: وحده {هوالعزيز} أي: المنيع الذي لا يقدح في عزته عفو ولا عقاب بل ذلك دليل على عزته فإنه يفعل ما يشاء فيمن يشاء من غير مبالاة بأحد {الرحيم} أي: الذي لا يمنع عزته أن يكرم من شاء.
ولما وصف تعالى اليوم ذكر بعده وعيد الكفار فقال سبحانه: {إن شجرت الزقوم} هي من أخبث الشجر المر بتهامة ينبتها الله تعالى في الجحيم وقد مر الكلام عليها في الصافات، ورسمت بالتاء المجرورة فوقف عليها بالهاء أبو عمرو وابن كثير والكسائي، ووقف الباقون بالتاء على الرسم.
{طعام الأثيم} أي: المبالغ في اكتساب الاثام حتى صارت به إلى الكفر قال أكثر المفسرين: هو أبو جهل.
{كالمهل} أي: وهو ما يمهل في النار حتى يذوب من ذهب أوفضة وكل ما في معناهما من المنطبعات سواء كان من صفر أوحديد أو رصاص، وقيل: هو عكر القطران، وقيل: عكر الزيت وقرأ {يغلي في البطون} أي: من شدة الحر ابن كثير وحفص بالياء التحتية على أن الفاعل ضمير يعود على طعام، وجوز أبو البقاء أن يعود على الزقوم، وقيل: يعود على المهل نفسه والباقون بالتاء الفوقية على أن الفاعل ضمير الشجر.
{كغلي} أي: مثل غلي {الحميم} أي: الماء الذي تناهى حره بما يوقد تحته، وعن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «لوأن قطرة من الزقوم قطرت في الدنيا لأفسدت على أهل الدنيا معايشهم، فكيف بمن تكون طعامه» ويقال للزبانية: